سورة البقرة - تفسير تفسير التستري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (البقرة)


        


{وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)}
قوله: {
فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} [186] قال: بالدعاء، {وَلْيُؤْمِنُوا بِي} [186] أي يصدقوني، فأنا حيث ما دعاني مخلصا لا آيسا ولا قنطا.


{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ (197)}
قوله: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى} [197] قال: هو الرفيق إلى ذكر اللّه تعالى خوفا، إذ لا زاد للمحب سوى محبوبه، وللعارف سوى معروفه.
وقال في قوله: {مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] قال: الزاد والراحلة، ثم قال: أتدرون ما الزاد والراحلة؟ فقالوا: لا. فقال: الزاد الذكر، والراحلة الصبر. قال : وقد صحبه رجل في طريق مكة فلم يجد يومين شيئا فقال: يا أستاذ أحتاج إلى قوت. فقال: القوت هو اللّه. فقال: لابد من قوت يقوم به الجسد. فقال: الأجساد كلها باللّه عزّ وجلّ وأنشد: [من البسيط]
يا حبّ زدني سقاك الشّوق من ديم *** يزيدني صوبها الأحزان والكربا
ودام لي لوعة في القلب تحرقني *** إنّي متى أزداد حبّا زادني طربا
ثم قال: الدنيا هي التي قطعت المنقطعين إلى اللّه عن اللّه عزّ وجلّ. وقال : عيش الملائكة في الطاعة، وعيش الأنبياء بالعلم وانتظار الفرج، وعيش الصديقين بالاقتداء، وعيش سائر الناس عالما كان أو جاهلا، زاهدا كان أو عابدا في الأكل والشرب.
قوله: {وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ} [197] أي يا أهل الفهم عني بالعقول السليمة. وقال: إن اللّه تعالى أمرهم أن يتقوه على مقدار طاقات عقولهم بما خصهم به من نور الهداية بذاته، والقبول منه، وإفرادهم بالمعنى الذي ركبه فيهم، وعلمه بهم قبل خلقهم، فذكرهم تلك النعمة عليهم، ودعاهم بتلك النعمة التي سبقت لهم إلى الاعتراف بنعمة ثانية بعد الموهبة الأزلية، وهي حقيقة المعرفة، وقبول العلم بالعمل خالصا له. قيل: فما معنى التقوى وحقيقته؟ قال: الحقيقة للّه عزّ وجلّ أن تعاجل لدى العمل القليل بالموت، وكذا الخطايا بالعقوبة، فيعرف ذلك فيتقيه، فلا يتكل على شيء سواه. قيل له: قد اختلفت أسباب تقوى الخلق؟ قال: نعم، كما اختلف أفعالهم. قال أبو بكر: فقلت: لقد ثبت في القرآن أن تقوى كل امرئ على حسب طاقته.
فقال: نعم، قد قال اللّه تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا} [التغابن: 16] فردهم إلى ما في طاقتهم. فقلت له: لقد قال اللّه تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ} [آل عمران: 102] قال سهل: أما أصحابنا فيقولون إن هذا الخطاب لقوم مخصوصين بأعيانهم، لأنهم طولبوا بما لم يطالب به الأنبياء عليهم السلام، وكما قال إبراهيم ويعقوب لأولادهما: {يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [132]. وإنما تعبد اللّه الخلق على حسب طاقاتهن، والذين قيل لهم: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ} [آل عمران: 102] طولبوا بالتقوى على حسب معرفتهم باللّه، فكان معنى ذلك، أي اتقوا اللّه حق تقاته ما قدرتم عليه، لا أنه رخص في ترك التقوى بتلك الآية: {وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] أي مسلمون لأمر اللّه بكل حال مفوضون إليه، والآخرون ردوا إلى الاجتهاد، فافهم الفرق بين الاثنين في الخطاب، إذا كان اللفظ متفقا والمعنى مختلفا خاص وعام. قال أبو بكر: ثم قال سهل: لو دعا المتقون على المسرفين لهلك الأولون والآخرون منهم، ولكن اللّه جعل المتقين رحمة للظالمين ليستنقذهم بهم، فإنّ أكرم الخلق على اللّه عزّ وجلّ المتقون كما قال اللّه: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ} [الحجرات: 13] فمن أراد كرامة اللّه عزّ وجلّ فليتّقه، فإنه ينال بالتقوى كرامته، والدخول إلى جنته، ويسكن في جواره، ويفوز فوزا عظيما، وقد قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: «من أصلح سريرته أصلح اللّه علانيته ومن اتقى اللّه في سره قربه وأدناه».


{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ (201)}
قوله: {رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً} [201] أي العلم والعبادة خالصا {وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً} [201] أي الرضا، كما قال: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة: 119].

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11